تسمع الكثير من المواقف الفردية العربية السلبية تجاه القضية الفلسطينية. ومن ذلك ما هو ضد الفلسطينيين كشعب. او ضد مبدأ استمرار الحرب مع اليهود. او الدعوة الى الاهتمام بالشأن المحلي والتنمية. او حتى مجرد الدعوة الى الاستمتاع بالحياة ونبذ الحروب و تجنب هذه المواجهات وتجنب الخسائر والمحافظة على المكاسب التى استحققناها بعد طول عذاب.
ظاهر الكلام منطقي ومعقول ،واستطيع قبوله على محمل حسن النية. الا ان هناك مغالطات هامة. ففلسطين نفسها بحدودها الحالية كانت دائما جزءا من بلاد الشام، والتي كانت بدورها جزءا من دار الاسلام التابعة للخلافة، وبقيت كذلك حتى اتفاقية سايكس بيكو 1916 ، والتي تم تنفيذها في 1917. وبدأت بريطانيا بتنفيذ المرحلة العملية لا نشاء الوطن القومي لليهود بوعد بلفور في نفس العام. اي ان فلسطين التي اغتصبت هي بعض ديار الاسلام ولم تنعم يوما باستقلال او صفة مستقلة لها عن جيرانها. بل ان اهلها لم يرتبطوا معا شمالا وجنوبا او غربا وشرقا باكثر مما ارتبطوا بجيرانهم المباشرين في لبنان وسوريا والاردن وسيناء. ويكاد تقسيم المشرق العربي كله مفتعلا لانشاء اسرائيل. وما زالت اسرائيل ومن هم ورائها يسعون لتقسيم البلاد المقسمة على اساس ديني او طائفي او عرقي بما يتناسب مع طبيعتها وبما يضفي الشرعية والقبول لمبدأ وطن قومي لليهود. وهل ما تسرب عن مشروع الشرق الاوسط الجديد في عام 2006 ببعيد؟؟
ان قيام اسرائيل على ارض فلسطين ادى الى زعزعة استقرار المنطقة بتشريد وحرمان شعب فلسطين من حقه في تقرير مصيره على ارضه. وهو شعب حي لن يموت ولن يختفي بسهولة. وكان قيامها سببا في تقسيم المنطقة ومصدرا لتهديدها بمزيد من الانقسام لالغاء البعد القومي العربي للدول المجاورة واعادة تأسيسها على اساس مذهبي . ولم تخف اسرائيل وحلفائها من ورائها قلقها من مشروع عبد الناصر للتحرر ولتنمية مصر الذي ادى الى سلسلة الحروب ضد مصر في وقت مبكر من 1954 الى 1956. ولان فلسطين جزءا من ارض الاسلام بل جزءا من العقيدة، فان اسرائيل لن تشعر بالاستقرار ابدا مع وجود اي قوة اسلامية ولو على بعد منها. ولم تخف اسرائيل قلقها من القوة المحتملة لايران.
مجرد وجود اسرائيل في المنطقة هو خطر، بل عدوان كبير. ولا نقصد فقط احتمالات التوسع والعدوان والاطماع والمنافسة والسيطرة الاقتصادية وقد حدث هذا كله، ولكن مجرد وجودها لا يستقيم الا مع تحالفها مع القوى الكبرى الذي تقوم من خلالها بتقديم ما تحتاجه لضمان مصالحها ولو تضاربت مع مصالح اصحاب المنطقة. وما نراه حاليا من انظمة تابعة هو حصاد السنين لوجود اسرائيل. لقد افلحوا في زرع انظمة ضعيفة متشاكسة تهاب اسرائيل لو عادتها وترجو حمايتها لو صادقتها. وقد علموا ان اسرائيل هي سفارة الاقوياء وقاعدتهم العسكرية وكلبهم الشرس. ان مجرد وجود اسرائيل هو بلاء ما بعده بلاء. ان نية الغرب المساعدة في زرع اسرائيل في المنطقة تواكبت مع سقوط او اسقاط الدولة الاسلامية وكتدبير احترازي في انشاء قاعدة متقدمة تضمن عدم قيام قائمة للشرق. ثم طور الامر لا حقا لضمان المصالح المشروعة وغير المشروعة في المنطقة. فماهي الا مشروع عدوان دائم على المنطقة كلها.
والخلاصة ان المواجهة مع اسرايل ليست مسألة اختيارية. وليست مسألة مساعدة للشعب الفلسطيني تمليها اعتبارات العروبة والاسلام والمبادىء الانسانية. انها مواجهة مفروضة لعدوان دائم وخطر قريب على امن الشعوب العربية والاسلامية. بل هي خطر مستمر حتى لو خرج الشعب الفلسطيني من المعادلة باقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة والقدس وهو غير محتمل. او بأي حل آخر غير زوال اسرائيل. وهذا قرآن وقدر لا انفكاك منه. وان عدتم عدنا.
ليس المطلوب الحرب فهي آخر المطاف. ومازال هدى الرسول عليه الصلاة والسلام هو الهدى. فمن رأى منكم منكرا فليغيره بيده وان لم يستطع فبلسانه وان لم لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان. وانت على ثغرة من ثغر الاسلام فلا يؤتين من قبلك. ومن جهز غازيا فقد غزا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق